الخباثات.. في توزيع (الإغاثات)
يمنات
تامر الأشعري
بعض لجان الإغاثة؛ ليست سوى كاميرات متحركة.. مثلما أن بعض مسؤولي الإغاثة الخبثاء.. هم من نحتاج إلى من يغيثنا من إغاثاتهم!
هذا على الأقل ما رأيته ذات صباح مبتور في أحد شوارع هذه المدينة الكارثية.. صفٌّ كبير مرصوصٌ من “الوايتات/ناقلات الماء” .. مؤخراتها نحو الجبل.. وواجهاتها الأمامية نحو الشارع الرئيسي، وقد علقوا عليها لوحات إعلانية متشابهة، تشكر الجهات الداعمة، وتتحدث عن إغاثات ومواد غذائية، والمصوّرون المحترفون يلتقطون الصور من الزوايا التي يستطيعون بها إيهام تلك الجهات أن هذه الزوايا لا تحتوي على شيء من الخبايا !
أما بعض عقال ومندوبي الحارات، فقل فيهم ما شئت.. متى شئت.. وكيف شئت.. فإنهم يسجّلون أسماءنا في كل شهر مرة أو مرتين منذ بدء هذه الحرب.. فنمكث نستمع منهم جعجعة ولا نرى طحينا، حتى غدت أسماؤنا وبطاقاتنا الشخصية مثل “الورد”.. يحتك بها أنف الخائن والعاشق، والكاذب والصادق.. غير أنها تظل شامخة فواحة رغما عن أنوفهم!
وغني عن الذكر؛ أن وراء هؤلاء وأولئك قوما آخرين، مُلئت مخازنهم بالمواد الإغاثية، فركموا بعضها فوق بعض، واتخذوا منها سُلّما يصعدون به إلى سماء الثروة!
إنني أرى هؤلاء جميعا كل يوم، وهم يتباهون بأنفسهم في الفيسبوك، والواتس آب، وشارع جمال، وعصيفرة..إلخ إلخ.. فأقول:
“لا قوة إلا بالله! لم يعد في هذه المدينة خير”!
يا هؤلاء..
لا تبحروا كثيرا فوق أوجاعنا، فإنها مالحة وهائجة، وكونوا عند حسن ظن المساكين سفراء الله في هذا الكوكب.. فإن هذا الكوكب لم يعُد بحاجة إلى مزيد من اللصوص!
أيها السادة..
ألا تتصورون كم هي مؤلمة تلك اللحظة التي تسأل فيها أستاذة الصف تلميذها الصغير: “كيف حالك يا بطل؟”.. فيقول: “أنا بخير”.. ومعدته خاوية ؟!.. وكم هي أشد ألما منها تلك اللحظة التي يرجع فيها هذا الطفل إلى البيت.. فيحاول والده إشباعه فلا يستطيع؟!
إنكم لا تتصورون من ذلك شيئا، ولا تشعرون منه بشيء.. لأنكم تتلمسون “آلاتكم الحاسبة” أكثر مما تتلمسون آلام الموجوعين ورؤوس اليتامى، وأنتم بذلك تؤكدون لنا أن (علم الرياضيات) و(حملات الإغاثة) هما أقبح مخلوقَين في هذا العالم!
توقفوا أرجوكم..
لاتتمادوا في توزيع آمالكم الخائبة ووعودكم الكاذبة على المُعدَمين، فإن لبطونهم آخر الليل قرقرةً لا يسمعها إلا الله!!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا